ISBN: 9789957169640
التشريع المالي والضريبي
-
التشريع المالي والضريبي هو علم حديث لكنة بدأ في الظهور والاستقلال مع نشأة الدولة، حيث مر التشريع المالي والضريبي بمراحل متعددة تجلت في تطور دور الدولة المالي والقانوني وتغيرت النظرة للإيرادات والنفقات، واعتبارها أدوات مالية مهمة متنوعة لتحقق الدولة أهدافها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والقانونية. وعلى الرغم من استقلالية التشريع المالي والضريبي الذي يهتم بدارسة النشاط المالي والاقتصادي للدولة وهي بصدد إشباعها للحاجات العامة وذلك باستخدام جزء من موارد المجتمع المحدودة إلا أننا نرى أنه يحتل مركزاً مهماً ضمن العلوم الأخرى ويرتبط بها ارتباطاً جدلياً، حيث إن علاقته بالقانون والاقتصاد والسياسة والعلوم الأخرى هي علاقة الجزء بالكل وخصوصاً أن فكرة الحاجات العامة شهدت تطوراً كبيراً نتيجة للتغير الذي طرأ على وظيفة الدولة. إلا أن اتصال علم المالية العامة بالعلوم الأخرى لا يعني أنه غير مستقل بحد ذاته ومن غير الممكن اعتباره جزءاً من العلوم الأخرى. أما بالنسبة إلى الضرائب والرسوم الجمركية ((المصادر السيادية للمالية العامة الحديثة)) فإنها لم تظهر بمفهومها الحالي إلا بعد أن مرت بتطورات عديدة، فهي لم تكن معروفة من قبل الأفراد الذين عاشوا على هيئة جماعات وعشائر والسبب في ذلك يعود إلى انعدام المرافق المشتركة والحاجات العامة التي تستلزم الضرائب. إلا أن عامل الزمن وظهور الحياة الجماعية جعلت حاجة الأفراد غير قاصرة على الدفاع وإنما ظهرت الحاجة إلى المحافظة على الأمن والفصل في المنازعات التي تقوم بين الأفراد فكان لهذه الأسباب أن دفعت الرئيس أو الأمير إلى أن يستعين بالهبات والتبرعات التي تقدمها طبقة الأغنياء من الرعية. وقد اتجه الحكام بعد ذلك إلى فرض التكاليف الإلزامية كالدفاع والمحافظة على الأمن على الأموال عن طريق الرسوم مقابل ما يحصل عليه الأفراد من منفعة خاصة يتم تقديمها لهم من خلال المرافق العامة مثل اجتياز الطرق وعبور الجسور إلى آخره من الخدمات. وفي مرحلة لاحقة تم فرض التكاليف على الأفراد حتى ولو لم يحصلوا على منفعة خاصة لقاء دفعهم للضرائب غير المباشرة على المحلات والأسواق والمعاملات باعتبارها ضرائب غير مباشرة. ولكن تضاعف الاحتياجات والنفقات العامة بسبب تطور المجتمع المتسارع جعل من الرسوم والضرائب غير المباشرة غير كافية لسد هذه النفقات مما دفع الدول إلى فرض الضرائب المباشرة معتبرة إياها واجباً تضامنياً يقوم الأفراد بدفعها مشاركة منهم في تحمل الأعباء العامة.
-